قبل المشاركة لي بالتعقيب الثالث في هذا الموضوع أحببت ان اقتبس بعضا من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . من خطبة سماحة الشيخ حسين قازان ( جاء في الحديث الشرفي عن الإمام محمد الباقر (ع) قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر... وسائل الشيعة ـ 1140 ـ 395
ولعل في هذا القدر من البيان لغاية في أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث إن صلاح البلاد وهداية العباد لا تتم بدون ذلك، ولذا اعتبر من أعظم وأهم الواجبات المفروضة في الشريعة الإسلامية الكاملة.
وقد حثنا القرآن الكريم على القيام بهذا الواجب، واعتبر القيام به من أسباب الفلاح والفوز بالكرامة الخالدة في الدنيا والآخرة قال عز من قائل: [ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون]. آل عمران ـ 104.
فالله تعالى يأمرنا كأمة ومجموعة بالقيام بهذا الواجب لأن الفرد الواحد قد لا يستطيع أداء هذا العمل بمفرده، وإنما يحتاج إلى من يعضده ويساعده على تحقيق هذه المهمة الكبيرة، ولذلك نرى الأثر الكبير حينما تقوم جماعة في قرية أو حي بإنكار المنكر على مرتكب بعض المحرمات كالغش والسرقة والظلم وغيرها فيرتدع فاعل ذلك أو يقل فعله لبعض المنكرات.
وقد ورد عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) عدة أخبار في هذا الموضوع فقد قال الإمام جعفر الصادق (ع) قال النبي (ص): إن الله عز وجل ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل: وما المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟ قال (ص): الذي لا ينهى عن المنكر. وسائل الشيعة ـ ج 11 ـ 393.
ودلالة هذا الحديث الشريف واضحة، وسنده صحيح فقد رواه الصادق (ع) عن جده الرسول الأعظم (ص) وبين فيه صلوات الله عليه وآله بأن الله تعالى يبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له ولما سئل (ص) عن ذلك المؤمن الضعيف المتصف بعدم الدين قال (ص): الذي لا ينهى عن المنكر. ومعنى ذلك أن من رأى المنكر من شخص سواء كان رجلاً أو امرأة وسكت ولم ينكر مثل ذلك المنكر على فاعله ومرتكبه فإن مثل ذلك الشخص يبغضه الله عز وجل ولا يحبه. وهذا مما يؤكد أهمية هذه الفريضة العظيمة.
وعن الإمام الصادق (ع) قال: من رأى منكم منكراً فلم ينكره وهو يقدر عليه فقد أحبّ أن يعصى الله، ومن أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة ولا يخفى ما في هذا الحديث من الدلالة الواضحة على اهتمام الله تعالى بهذا الواجب المقدس والذي لا مجال فيه لإهماله والتهاون فيه.
وعن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام قالا: ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعن الإمام الرضا (ع) قال: لتأمرن بالمعروف ولتنهنَّ عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعوا أخياركم لا يستجاب لهم.
هذه الأحاديث الشريفة وغيرها تدلنا دلالة واضحة على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات الإسلامية التي لا مجال لتركها والتهاون فيها.
ومن المعلوم أن فاعل المنكر إذا لم ينكر عليه أحد، ولم يعترض عليه معترض يتمادى في فعله بل ويكثر أعوانه والمرتكبين لمثل فعله فيعم الظلم والمنكر البلاد ويصبح حينئذٍ من العسير جداً تغيير ذلك الواقع الفاسد إلا إذا قامت ثورة عظيمة، وتضحيات جسيمة، وذلك مثل ثورة الإمام الحسين (ع) والتي قدم فيها أغلى التضحيات الجسام من أعز الأهل والأبناء، وخيرة الصحب النجباء، وحتى قدم صلوات الله عليه نفسه الزكية المقدسة وقتل بتلك القتلة المؤلمة والمقرحة للقلوب فاهتز بذلك عرش الأمويين.
إن من أهم عوامل تفاعل الناس مع مبادئ الدعوة، هو مساس واقعهم وما يهمهم ويشغلهم، وأن تكون تلك الدعوة قريبة منهم، تحاكي الفطرة الإنسانية. لذلك نجد أن حركة ودعوة الأنبياء تنطلق من خلال واقع ما يهم الناس، تمس وجدانهم، وتتفاعل مع قضاياهم التي يعيشونها، واضعة الحلول المناسبة لها. المساجد للانتفاع العبادي للمسلمين وفي مقدمته الصلاة ولتبليغ الدين الحق وعلمه وتعليمه والتمكين له والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا تملكه الأحزاب والفئات ومن منع وظيفة من وظائف المسجد فقد عطل المسجد وحارب الله ورسوله وأرصد للدين وأضر به وهو منكر شديد يجب أن يحارب،
يوم أن يقف المسجد عن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا توجد مؤسسة أخرى في المجتمع تنهض بهذا الواجب، المسجد هو المسئول الأول عن النطق بكلمة المعروف والنهي عن المنكر وهو آخر قلعة لهذا الواجب، فإذا سكت سكت المجتمع كله..
ومن هذا الوعي الديني يجب أن نواجه أي فئة وحتى غيرها ما أمكن، لو أرادت أن تضع يدها على المساجد، وتعطل شيئاً من وظائفها فضلاً عن ارادة توظيفها في صالح سياسة من السياسات التي لا ترتقي مع عدل الدين ومفاهيمه وأحاكمه ورؤاه. إمام المسجد فاعل في ارتباط الفرد بالمسجد فإذا كان متمكنا من وسائله مدركا لمشاكل المصلين واعيا بأهمية الترغيب بتجاوز المشاكل، يصبح من معالم الحي الذي يتوسطه المسجد0المطلوب اليوم بعث دور المسجد المدرسة مسجد النبوة الشريفة الذي يتلمس حاجة المجتمع ((المسجد وسيلة مهمة لتقليل الفوارق الطبقية الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع, ولعل أوضح مصداق من المساجد في تطبيق هذه الفائدة هو المسجد الحرام وذلك أثناء مراسيم الحج حيث اللباس الواحد والحركة الواحدة.))