صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 26

الموضوع: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

  1. #1

    الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    تعاني وللأسف الشديد في قريتنا الحبيبة من مرض ازدواجية المعايير ، ولربما انها ظاهرة تتفشى بالمجتمع وكأنها تتغنى بقول الشاعر العربي :


    ليلى على دين قيس فحيث مال تميل


    وكل ما سر قيساً فعند ليلى جميل


    يرى البعض الأمور بميزان مزدوج ، فهم يرون ما لهم من الحقوق ، وينسون – أو يتناسون – ما عليهم من واجبات ، ولا يعرفون الحق لغيرهم ، يريدون من الناس أن يحترمونهم و يبجلونهم ، وهم لا يحترمون أحدا ، ولا يعرفون الفضل لأهل الفضل ، وحقا ، فلا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوي الفضل . وهناك من يخاف على ولده ويغضب إن رآه يحمل شيئا ثقيلا ، فهو يخاف على ظهره ، وأما البواب أو العامل فيحمله فوق ما يستطيع ، ولا يبالي إن إصابه ألم في ظهره من جراء ذلك ، ويخاف أن يخرج ولده في الظهيرة شفقة عليه من الحر الشديد ، ويرسل بدلا منه البواب ليحضر لهم حاجياتهم !! . لماذا هذه الازدواجية ، ولماذا هذا الظلم ؟ أليس هذا بشرا مثل ولدك ، يحس كما يحس ، ويتعب كما يتعب ، أم أنه مخلوق من عالم آخر ، له طاقات خارقة.


    ومنهم من ينزعج ويكيل السباب والشتائم لمن يطلق زامور سيارته من تحت نافذة بيته وهو نائم ، أو لمن يرفع صوت المذياع أو الرائي – التلفاز - ، مع أنه يقوم بنفس الفعل ، وكأن له من الحقوق ما ليس للآخرين .. !! .


    ففي انعدام المعيار القيمي هذا تبدأ تفتك بالعقلية والذائقة الإنسانية هوام ولجت دون حياء ، وعاثت دون رقيب . ومن أشد الأدواء فتكا ما يعرف ( بالازدواجية في المعايير ) أو ما يسمى ( الكيل بمكيالين ) ... والتي تُشَكِّل معوِّقا حقيقيا ، وسدا صلداً في وجه إرساء قواعد الحق والعدل على مستوى الفرد والمجتمع وحتى الأمم . بأكملها .

    ومن أسباب الازدواجية الفكرية والمجتمعية :
    1- غياب المعايير والأسس المحايدة والعلمية في نقد الأشخاص والأعمال .
    2- فقدان المرجعية القيمية فتصبح القوانين من صنع فئة واحدة في المجتمع تملي على باقي الطبقات ما يضمن سلامة حقوقها المكتسبة .
    3- شيوع الرأي الواحد والبعد الواحد في حكم المجتمع مما يؤدي إلى تشريع مبدأ الإملائية وفرض نظرة أُحاديّة واحدة للحياة والإنسان والحق .
    4- انتشار الواسطة والمحسوبية مما يُؤدي إلى ضياع الحقوق وطمس روح الإبداع حين يتكافأ المفلس والعامل ، بل ويزيد الفارغ على العالم .
    5- والازدواجية داء تتوارثه الأمم في عصور التَّهْلُكة وعلى فَتْرَة من الوعي بالمنهج ، وقد عاب الله تعالى على بني إسرائيل جملة من مواقف الازدواجية وصلت في تبجُّحها إلى تسييس المنهج الرباني وفق المكاييل الجائرة :

    { أَتَأَمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتَلُونَ الْكِتَابَ } [ البقرة : 44] ، { وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آل عمران :75 ] .


    من عجائب مجتمعاتنا انها هي من ابتدعت الكيل بمكيالين ثم تصرخ متهمة الآخرين انها هي التي تفعل ذلك . والدليل واضح لدى الكثير منا فستجد اشخاص يشاركونك ويساهمون معك ولكن تجدهم يبحثون عن المضادات التي تحاول تهميشك وإهدام كل البنى التي تسعى لبناءة فيشاركون فيها لإرضاء اناس بعنوان العدل وانهم في صف واحد ولكن للأسف الشديد هذه ازدواجية وكيل بميكيالين فاما أن تكون مع عليا او مع معاوية – وليس هذا الأسلوب يعني ( ان لم تكن معي تكن ضدي ) ابدا ولكن هذا العمل كيل ليس بميكالين ولكنه صيد بالماء العكر


    اشياء واشياء بمجتمعنا تطبق الكيل بمكيالين وازدواجية في التوجه والمعاير فهل نجد حلا لتصحيح هذه المعايير فلنناقش الموضوع بروية وتمعن بعيدا عن التشخيص فالموضوع لا يعني فئة محددة او اشخاص بعينهم إنها ظاهرة اجتماعية فالازدواجية موجودة في التعامل وفي التدين وفي غيرها .

  2. #2

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أهلا بابن العربي و أهلا بموضوعات ابن العربي المتميزة دوما

    قرأت الموضوع بتأنٍ ، و في نهاية كل جملة كتبها ابن العربي أرى انسانا ، أرى شخصا ، أرى فلانا من الناس ، أرى الكثيرين ممن يمكن أن تلتصق بهم الصفات التي يتحدث عنها ابن العربي و لا نزكي على الله أحدا من البشر.

    ما قرأته أقرب ما يكون وصفا لإنسان ليبرالي يرى الصحة في ذاته و الخطأ ملتصقا بغيره بل و يرى الأحقية الأوحدية الصرفة لنفسه بينما يرى الهامشية العامية الضبابية لغيره.

    كثيرة هي الأوصاف التي يمكن أن نطلقها على فلان من الناس ، بل كثيرة هي الصفات التي يمكن أن نطلقها حتى على أنفسنا ، فكم من الأخطاء نقع فيها و كم من السلبيات التي نقدم عليها مع أننا في عقلنا الباطن ربما ننكرها أو لا نحبذ القيام بها.

    ازدواجية الشخصية مصطلح فلسفي كبير يتم شرحه في دروس نفسية كثيرة بعضها أتى أكله و كان مفيدا جدا و قيما للغاية في كثيرة من جامعات و معاهد العالم ، بل أن هذا المرض الإنساني الصديق ربما كان مفيدا لكثير من العلماء و كثير من السياسيين العالميين ، بينما أصبح هذا المصطلح عيبا كبيرا و وصمة ربما لا يمكن التخلص منها في مجتمعاتنا العربية التي تقول و لا تفعل و هي لا تزال تقول للأسف.

    في حياتنا الصغيرة الالكترونية و على مدى سنوات تعرضت أنا شخصيا كما تعرض غيري لأمثلة مما تفضل بها الأخ ابن العربي ، فكم من منادٍ بالوحدة يجسد الطائفية البغيضة و كم من منادٍ بالإخاء و قد جسد قمة التمزق و العداء و كم من متظلم يطالب بحقوقه و قد اغرورقت عيناه بدموع التماسيح و هو ظالم لنفسه بل و ظالم لغيره .

    كم من مسئول يقول بوفائه بينما هو رأس للغدر ، و كم من مدعٍ للصواب و هو يمثل الخطأ البين في كل خطوة يخطوها . كم و كم من الأمثلة التي ربما يمكن أن نوردها و نتحدث عنها في هنيهة أو ساعة أو يوم أو في حياتنا القصيرة كلها مؤلفين لمجلدات تفوق طاقة الكتب و مزاحمة لقواعد البيانات.

    ربما يرى البعض في بعض الأمثلة ما ينطبق عليه و ما أكثر ما ينطبق علينا من الأمثلة للأسف و التي نحاول جاهدين أن نتخلص منها و نحن نعيش على أمل التخلص منها و نحن في الطريق الصحيح و على جادة السلامة قبل فوات الأوان.

    أطيب الأماني

    العنكبوت
    إنما الدنيا فناء *** ليس للدنيا ثبوت إنما الدنيا كبيت *** نسجته العنكبوت ولقد يكفيك منها *** أيها الطالب قوت و لعمري عن قليل *** كل من فيها يموت

  3. #3

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    تحية ..

    يسرني بحرُ الحبرِ وفرسُ اليراعِ حين تحويها لوحة إمضائها بأصبع الكبير ابن العربي .


    ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين اورثتها الحضور بنودك الخمس الأنفة الذكر , وقد تتعاضد جميعها في شخص فيكون قد بلغ سنام التيه , وقد يغترف من وحل واحد فيبدو ملطخ المنظر والمخبر في مساحة العقل.


    الإقرار بهذه المعضلة و وجودها تثبته التجارب والوقائع , غير أن المركز في الحديث هو العلاج والإستطباب و الوقاية .


    أفتح النافذة على مشهد واحد دون التعرض لكل الصور ودون الحثيث لجمع القدر الأكبر من الشواهد المتوازية وذات النتيجة الواحدة .


    في الفترة الزمنية الماضية واذا اردت أن احدد الزمن الخاص بهذه التجربه فهو في عام 2005 , كان الإهتمام والتحرك هو لإبراز المعلومة على قناة الإنترنت وبالتحديد في هذا الرافد , وقد شهدنا ولادة أقلام جميلةٌ في هذه الواحه تهتم بالأدب وتهتم بالأخبار والصحافة والتوثيق , ولاتنسى محورها الديني العظيم وكذا مشورها الرياضي الحافل من ذكراً عقبه لقط .

    ومع تعاقب الزمن خبىء قلم التميز , حيث اتجهت الساحة الى سجالات وحوارات اغلبها كان يزعزع أكثر منه الى التقريب والحل . والداء المرير كان في استبطان الإتهام وتقديمه مسبقاً في الولهة الأولى لسير الحديث مع ضعف المعلومة الحقيقية . وكسى كل ذالك غلظة وظلمة الأسلوب الحاد الغير موفق في التعرض احياناً للأشخاص واحياناً بالهجوم الغير مبرر وكما يطلق عليه احد الأخوة الكرام مصطلح ( نشر الغسيل ), في إخفاقة واضحة من معرفة الطريق السليم للنقد وللحل .

    وهذا ما يلخصه ابن العربي في :


    1- غياب المعايير والأسس المحايدة والعلمية في نقد الأشخاص والأعمال .


    لذا استاذنا العزيز يبين في وجه الصفحات ازدواجية المعايير ويبين فيها التخبط والفوضى , وينتج عن ذاك غياب القلم الهادف الذي ربما لا يستطيع - في هذه الفترة الراهنة - أن ينبت في بيئة لا زالت مسمومة التربة ملوثة الأجواء .

    أننا نجزم أن مجتمعنا ليس مجتمع ملائكي لا يخطأ ولا يحيد قليلاً , وكذا أنفسنا ليست سلمانية او ابو ذرائية أو اشترية , إنما نتبع طريق التكامل والتسامح والإصلاح , فحرياً بنا أن نقيم حضورنا في هذه الروافد وننظر هل مانقوله ونثريه ثراء نافع , وهل نمتلك ادوات ومعايير صحيحه في الإستخلاص والتوضيح والتوجيه والنقد , ام مازلنا تحت وطئت الحفاوة بالكتابة لأجل القول بأنا هاهنا .

    أذيلُ بالقول أن ازدواجية المعايير نتاج واضح عن قصور الإدراك والوعي بكيفية القراءة والإستخلاص والحكم والتقييم الذي يهدف الى تقويم سليم .

    أرق .. التحايا.

  4. #4

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير


    تحية طيبة للاخ ابن العربي احببت هنا ان انقل مقالا مشابها لمقال ابن العربي كتبته الكاتبة ( غادة عبد الله ) عام 2005 م وربما يكون اخونا الكريم ابن العربي اقتبس مقالته من مقال الكاتبة غادة وانقله هنا لكي يستفيد منه الجميع

    ازدواجية المعايير

    من عظيم ما يستفحل شره في غفوة الفكر الإنساني ، أن يصير الرأي هراوة يحملها الهوى ويطرقها الافتقاد إلى المعايير النقدية المنصفة .
    حينها يتحول الإدراك من الشمول إلى القصور ، والحكم من العدل إلى الإقصاء ، ويصبح كل ما يؤَّرخ من إنجازات على مستوى الاجتماع والتاريخ انعكاس عقيم لغيبة القاعدة القيمية المُبِيَنة ,التي تجعل من الحق حقا في كل الثقافات ، ويظلّ معها الباطل باطلا في كل الشرائع .

    في انعدام المعيار القيمي هذا تبدأ تفتك بالعقلية والذائقة الإنسانية هوام ولجت دون حياء ، وعاثت دون رقيب . ومن أشد الأدواء فتكا ما يعرف ( بالازدواجية في المعايير ) أو ما يسمى ( الكيل بمكيالين ) ... والتي تُشَكِّل معوِّقا حقيقيا ، وسدا صلداً في وجه إرساء قواعد الحق والعدل على مستوى الفرد والمجتمع وحتى الأمم بأكملها .

    الازدواجية هي خميرة ممتزجة يَعْمَد فيها الإنسان إلى نصب ميزانَيْن للحكم على الخطأ والصواب ، والنظر بمرقابين إلى الحق والباطل ، فيستعمل أخفَّهما في حساب نفسه ، ويطغى بأثقلهما في نقد الآخرين .

    { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [ المطففين : 1-3 ] ، والتطفيف لا ينحصر في مثاقيل الطعام أو أسقية الشراب ، بل إنه في اعتقاد المطفف الراسخ بمبدأ " الشيوع والإباحة " ، شيوع التسلط ، وإباحة مقدرات الآخرين وذواتهم لمقياسه الشخصي وحده .

    والتطفيف في الاستعمال القرآني ، أو الازدواجية والكيل بمكيالين في اصطلاح البشر؛ إنما ينشأ عن افتقادٍ لخلق ( العدالة ) الفاضل ، ذلك الخلق الذي كان سمة التَّمَدُّح في عصور الإسلام المتوالية وميزان الجرح والتعديل على أعناق العلماء والساسة .

    والدافع الباطن إلى الازدواجية يفوح من عوامل ذات وشائج متراكبة ، فهي إما الحامل عليها ( البغض ) ، أو المحمول إليها ( الحب ) ، أو الاحتمال القائم فيها ( الهوى ) .

    1- البغض :

    نبَّه الله تعالى خيرته من خلقه وأنصار رسوله على ألا يحملهم الشنآن على انتكاس الحق أو قدح العدل في معاملة من يُعادُون ، فأجيج الذكرى الأليمة في النفوس الكليمة ينبغي أن يظل في آخر زوايا النفس بعيدا عن اجتهاد العقل وصوت الفكر . قال تعالى : { وَ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٌ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا } { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ المائدة : 8،2 ] .

    " إن التكليف الأول أيسر لأنه إجراء سلبي ، ينتهي عند الكفِّ عن الاعتداء ، فأما التكليف الثاني فأشق لأنه إجراء إيجابي يحمل النفس عل مباشرة العدل والقسط مع المبغوضين المشنوئين .. إن النفس البشرية لا ترتقي هذا المُرْتقى قط إلا حين تتعامل في هذا الأمر مباشرة مع الله ، حين تقوم له متجردة عن كل ما عداه ، وحين تستشعر تقواه ، وتحسّ أن عينه على خفايا الضمير وذات الصدور " (1)

    2- الحب :

    أمَّا المحمول إليها وهو الحب فإن العرب قديما وزنته بمقياس القلب والعقل ، فوجدته فوَّارا للقلب ، عوِّارا للعقل ، فحُبُكَ الشيء يُعْمِي ويَصمّ . ومن الحب شرر متشاكسة : فهناك العصبية المطلقة للعشيرة والقرابة ، وهناك ميل القلب إلى إحدى الزوجات على حساب الأخرى ، أو التفريق بين الأبناء في المعاملة وقسمة الإرث ، وهناك حب المال والاستئثار بالنفوذ كما ذُكِر في سورة المطفِّفين .


    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِالْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } [ النساء : 135] { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَة } [ النساء: 129 ] ، وفي قصة شعيب عليه السلام { فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا } [ الأعراف : 85 ] .

    3- أما الهوى :

    فهو الرابط في كل الاحتمالات، والصَّادح في كل التعليلات ، فشيمة الهوى الظّلم وردائه الفساد ، إذ ما يَفْتَأ يضرب أركان الحضارة حتى ليجعلها أثرا بعد عين وخبرا بعد سمع . لذا اشتد غضب الرسول صلى الله عليه وسلم عندما راق لبعض زمانه أن يجعلوا للعصبية والقرابة شوطا في موازين العدالة في قصة المرأة المخزومية التي سرقت ، فاستشاط غضبا في المنبر مُحذِّرًا من أحوال الأمم السابقة حين كان دستورهم ( إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .... والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) .

    ومن أسباب الازدواجية الفكرية والمجتمعية :

    1- غياب المعايير والأسس المحايدة والعلمية في نقد الأشخاص والأعمال .

    2- فقدان المرجعية القيمية فتصبح القوانين من صنع فئة واحدة في المجتمع تملي على باقي الطبقات ما يضمن سلامة حقوقها المكتسبة .

    3- شيوع الرأي الواحد والبعد الواحد في حكم المجتمع مما يؤدي إلى تشريع مبدأ الإملائية وفرض نظرة أُحاديّة واحدة للحياة والإنسان والحق .

    4- انتشار الواسطة والمحسوبية مما يُؤدي إلى ضياع الحقوق وطمس روح الإبداع حين يتكافأ المفلس والعامل ، بل ويزيد الفارغ على العالم .

    5- والازدواجية داء تتوارثه الأمم في عصور التَّهْلُكة وعلى فَتْرَة من الوعي بالمنهج ، وقد عاب الله تعالى على بني إسرائيل جملة من مواقف الازدواجية وصلت في تبجُّحها إلى تسييس المنهج الرباني وفق المكاييل الجائرة :

    { أَتَأَمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتَلُونَ الْكِتَابَ } [ البقرة : 44] ، { وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آل عمران :75 ] .

    وفي مراحل التخلص من الازدواجية لابد من عودة نحو مقام النَّفْس الباطنة يملي أول ما يلي على الإنسان الاعتراف بالخطأ والقصور في النظرة ، والتواضع المنبثق من ترك التزكية الباطلة للنفس ، مع وضع الذات في درجتها الخليقة بها بين صفِّ المجتمع الواحد ، وكما قيل لا يَبْلُغ الرجل حقيقة المروءة حتى يملك الإنصاف من نفسه .

    جاء في كتب السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - إلى خيبر يجبي محاصيلهم من الثمار و الزّروع حسب عهد لهم مع رسول الله بعد فتحها ، فحاول اليهود رشوته ليرفق بهم ، فقال لهم :" والله لقد جئتم من عند أحب الخلق إليَّ ، ولأنتم والله أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير ، وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم ... فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض .

    غادة عبدالله


    التعديل الأخير تم بواسطة كشكول ; 02-010210 الساعة 10:01 PM

  5. #5

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    شكرا الأخوة العنكبوت والاستاذ ابن الشرق وكذلك الاستاذ كشكول

    قبل تعقيبي احب ان اهمس في اذن استاذنا العزيز كشكول لا ضير من اقتباس من اي موضوع يناقش ويصب في مصلحة الجميع وعلينا ان نتعاطى الواقع لإيجاد حل لأن نلف وندور لندفن رؤوسنا في التراب علينا ان نحاسب انفسنا قبل ان يحاسبنا الغير وعلينا ان لانتلون ونميل حيث اتجه الريح وشكرا لمرورك .
    واما تعقيبي على الاخوين العنكبوت والاخ ابن الشرق لقد قرات ردكما القيم الذي ينحني له الشخص بقامتة ولي تعقيب لاحقا ويسرني ان ارفق موضوعا مقتبسا للاستاذ الصحفي (عبدالله القفاري )

    عندما نتحدثُ عن النقد يتبادرُ للذهن جُملةٌ من المعاني، يمكن أن ترتبط بخيطٍ تنتظمُ فيه عملية النقد. فهي أداةٌ تتحركُ بين النص والمشروعاتِ والأفكارِ والرؤى والتجارب. أما نقد الآخر فهو مرتبط بما يحمل هذا الآخر من رؤيةٍ، بما ينتجهُ ويعبُر عنه، بما يمارسهُ ويدعو له، بما يختزنُ في نظرته لذاتهِ، وللآخر الذي هو معادلهُ الموضوعي في الحوار والنقد.
    والنقدُ هو استعادةٌ لحالةِ حوار، فلا حوار ما لم يوجدْ نقدٌ، وإذا اختفى النقدُ عن طاولةِ الحوارِ فكيف يكون الحوارُ. وعليه يصبحُ المدخلَ إلى نقدِ الآخرِ هو الحوارُ معه، سواء كان حواراً مباشراً أو غير مباشرٍ، سواء كان عبر المواجهةِ والمكاشفةِ أو عبر استدعاءِ الأفكارِ بوسائلِ التعبير والنشرِ المتعددة. قد تتعدد وسائلُ النقدِ.. وتبقى آلياتُ النقد. ومنهجُ النقدِ هو المعولُ عليه في إعطاءِ العمليةِ النقديةِ توهجُها للبقاءِ قيمةً في سلم التأثيرِ والحضور.
    أما هذا الآخر فهو قد يكونُ المختلفَ البعيد، أي من خارجِ أسوارِ ثقافتنا، وقد يكونُ المختلفَ القريب الذي هو جزءُ منا، فيكون من داخلِ المنظومةِ الثقافية، بمعنى أن الثقافةَ تصبحُ ثقافاتٍ، والرؤيةُ تصبح مجموعةَ رؤى ومذاهبَ وقراءاتِ.
    نقدُ الآخر والحوارُ معه جزءُ أصيلٌ في ثقافتنا، فهو مبدأٌ شرعيٌ وأسلوبٌ حضاريٌ (وجادلهمْ بالتي هيَ أحسن). والجدلُ هنا هو الجدلُ المنتجُ الذي يقودُ للاقترابِ من الحقائق، وفق منظومةٍ ذهنيةٍ وعقليةٍ تستند إلى منهجيةِ النقدِ، لا غوغائيةَ المدافعةِ والرفضِ والهجومِ على الخصمِ والهروبِ دائماً إلى الأمام.
    نقدُ الآخرِ من الداخلِ ولأجل الداخلِ، هو المعولُ عليه في بناءِ مرجعيةٍ حوارٍ تتناولُ القضايا الأكثرَ أهميةً وإلحاحاً، فلا أهميةَ كبرى للحوارِ مع الخارجِ طالما لم تتعززُ فرص الحوارِ المنتجِ والفعالِ مع الآخر في الداخلِ. كما أن أرضيةَ الحوار ستكونُ ممهدةً، لأن القاعدةَ التي تنطلقُ منها آليةُ الحوارِ أو النقدِ يمكن الاتفاقُ عليها. فالثابتُ الديني أو الوطني هو القاعدةُ، على أن هذا الثابتَ يجب أن يكون بحدودِ الثابت، لا بحدودِ الاجتهاداتِ، أو الآراءِ التي ربما تنطلقُ من هذا الثابت لكنها تبقى في دائرةِ الرأيِ وهذه قضية مهمة وأساسية .. فلو تمَ الاتفاق حد التطابق لم يكن هناك داعٍ للحوارِ من الأساس، فلا حوارَ بين متشابهين أو متفقين. الحوارُ بين المختلفين في سبيلِ إظهارِ قيمةِ أخرى لا تظهرُ عبر التوافقِ الكامل، ولكن تظهرُ عبرَ تباين الرؤى وتعددِ وجهاتِ النظر.
    نقدُ الآخر ليس من أجلِ تسجيلِ نقاطٍ في طريق تأكيدِ المواقف، وإلا تحولَ إلى سجالٍ نقديٍ لا نهاية له، وحّول الفكرة من حالة النقدِ في سلمِ الصعود لاكتشاف الخللِ وتصحيحِ المسار إلى مجردِ حالةِ جدليةٍ سجاليةٍ تتحركُ بين طرفين أو فريقين دون تحقيقِ نقاطٍ في طريق التأثير الايجابي. كما أن النقدَ يمكنُ أن يضيفَ قيمةً وحيويةً للمجتمعاتِ في حالِ انتقالهِ من ممارسةٍ نخبويةٍ إلى حالةِ تأثيرٍ اجتماعيٍ يكشفُ عن إمكانيةِ بناءِ مشروعاتٍ تخترقُ تراكمَ الأزماتِ.
    أما التعدديةُ، فهي من طبيعةِ الحياةِ، ومن شروطِ البقاءِ، وسنةٌ طبيعيةٌ من سننِ الكونِ ضاربة بعمق في تجربةِ البشريةِ (ولو شاءَ اللهُ لجعلَ الناسَ أمةً واحدة). ولذا من المهمَ دائماً إدراكُ أن التعدديةَ سمةٌ كونيةٌ، وطبيعةٌ تطالُ البشرَ والحجرَ والنباتَ والأحياء. كما تطالُ الأفكارَ والرؤى، وهي صناعةٌ عقليةٌ اختصَ اللهُ بها الإنسانَ وحده. المعوّل عليه أن تتحولَ ثقافةُ الاختلافِ إلى عاملِ بناءِ لا عامل هدمِ، عَبر التأسيسِ على ثقافةِ تؤمنُ بأن الاختلافَ عنصرُ قوةٍ لا عنصر تقويضٍ، طالما تم في أجواء سلميةٍ، وعبر حالةِ تحسمُها آليات يمكنُ التوافقَ حولها.
    أما في منهجِ الحوار، فيمكن إيرادُ عدةِ نقاطٍ ربما تشكلُ قواعدَ عامة تخدمُ عمليةَ النقدِ وتساهمُ في تحقيقِ أهدافِ الحوار ومنها: الالتزامُ بالمعاني التي لا تقدحُ في عقيدةِ أو انتماءٍ على قاعدةِ شرط المواطنة، وعلى قاعدةِ هدفِ النقد أو الحوار. فلا يفسدُ الحوارَ سوى إخراج الآخرِ من حيز الاختلافِ حول الأفكارِ أو الاجتهاداتِ أو الآراء إلى حيز القدح في العقيدة أو الانتماء. ولنا في هذا الكم الكبير من حوارات تستهدف عقيدة الآخر وانتمائه لم تفرز سوى حالة اصطفاف مستمر ونفور متراكم واستدعاء أدبيات لم تكن ولن تكون قادرة على تحقيق أي هدف سوى استدعاء الضغائن والأحقاد والتوتر وحشد حالة تأزم تحت شعار الحوار.
    الأمر الآخر تحديدُ قضيةِ الحوار، فلا يضيعُ قيمةَ الحوار والنقد إلا العملُ في فضاءِ بلا حدود، والقفزُ من علاقةِ إلى أخرى، والبناء على منظوماتِ ذهنيةٍ من أجلِ افحام الآخرِ أو إرباكه. فكثير من الحوار والجدل النقدي هو تشتيت لفكرة البقاء حول المعنى والفكرة الأساسية ولذا تبدو بعض الحوارات مجرد تسجيل نقاط في مرمى الخصم وبكل الطرق والوسائل الممكنة واستدعاء قضايا ومسائل لا علاقة لها بقضية الحوار أصلا.
    ضبابية النقد وتشتيت محاوره تضيعُ الفكرةَ الأساسية. فالرسالةُ النقديةُ قيمةٌ مركزيةٌ في عمليةِ الحوار والنقد، ويجبُ العودةُ إليها في كلِ مرحلةٍ حتى لا يتمَ تشتيتُ الحوارِ لصالحِ عناصر لا تخدمُ قضيةَ الحوار.
    قد تكون الحياديةُ في الحوار غير ممكنةٍ لأن الإنسانَ بطبعهِ لن يكونَ محايداً في الانتصارِ لثقافتهِ والمنظومةِ الذهنية التي يؤمنُ بها، إلا أن الموضوعيةَ قيمةٌ أساسيةٌ في العمليةِ النقدية، وهي تستهدفُ احترامَ الحقائقِ والوقوف عندها، والنظرَ في الايجابياتِ والسلبياتِ دون غبنٍ أو تجاوزٍ لحق الايجابي على حسابِ السلبي، كما تقتضي الموضوعيةُ التوقفَ عند الدليلِ والبرهانِ والشواهد. كما أن الاعتراف للآخر بما يقدمُ من عناصر تفيدُ حالةَ حوار أو تثري حالة نقدية، عنصر أساسي تجاهله لا يعني سوى الانحيازِ والتعصبِ والإفراطِ والتجاوزِ أحيانا. وعدالة النقدِ تقتضي الإنصافَ وعدمَ الكيل بمكيالين، أو التغاضي عن أخطاءِ كبرى لطرفٍ مقابلَ النقدِ اللاذع والقاسيِ لطرفٍ آخر، وهذا لا يعني سوى الانحيازيةِ والازدواجيةِ مما يفقد النقدَ مشروعيتَه وقيمتَه.
    لا يفسدُ تحقيقَ أهداف النقد والحوار أكثرُ من تصفيةِ الحسابات تحت شعارِ الحوار أو النقدِ. ومما يلاحظُ أن بعضَ الاختلافِ في الرأي قد يتحول إلى مباراةٍ في الهجوم الشخصي، والابتعادِ عن الموضوعيةِ، والتركيزِ على تجريحِ الآخر، وإهانتهِ وتسفيهِ مقولتهِ حيث يضيعُ جوهرُ القضية.
    ومن عوائق الحوار أو النقد يأتي العائق النفسي ليشكل حالة هروب من مواجهة أي عملية نقدية، ومن مظاهره الغرورُ والمكابرةُ والقلق من جرح الذات، وربما عدمَ الثقةِ بها، ولذلك يحجمُ كثيرون عن قبولِ النقد أو حتى القبول بمبدأ الحوار. كما ان العائق الثقافي يسهم في تركيز الأفكار الجاهزة ويوسع رقعة المسلمات ويراكم المخزون الذهني الذي أخذَ صورةً نمطيةً حاكمةً تجاه الآخر، ويتخذُ التذرع بالقلقِ على الهوية عنواناً بارزاً في هذا الشأن.

  6. #6

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    وتكملة الموضوع للاستاذ القفاري

    الحوارُ والنقدُ والسجالاتُ الثقافية، لا يمكن لها أن تعززَ حضورها الايجابي في مجتمع ما، دون أن تعملَ تحت سقفٍ من حرية التعبير تكفلُ لها التعاطي مع النص أو الآراءِ أو الخياراتِ بقدرٍ محترم ومعتبر من الحريةٍ، لا يقفزُ على الثابتِ وهو النادرُ والقليل، ولا يختنقُ بحشدِ المحرمات. ودون هذا ستظلُ عمليةُ النقدِ عمليةٌ مرتبكة، والحوارُ حوارٌ خافتٌ، والأشياءُ لا تسمى بأسمائها، والعناوينُ تبدو براقةٌ لكن تحتَ ستارٍ كثيفٍ من عتمةِ القلق. ولا يقتلُ قيمةَ الحوار أو النقد سوى تلك الحواجزُ الباهظةُ الكلفةِ من المخاوف، التي تدفعُ لالتزامِ الجوانبِ الباهتة أو الجانبيةِ في قضية حوار.
    لا يمكنُ للنقدِ أن ينمو ويزدهرَ إلا في ظلِ مساحةٍ من الحرية. وعندما يتوافرُ مناخُ من الحريةِ المنضبطةِ بأخلاقياتِ النقد، سيكون هناك مجالاً واسعاً لقراءةِ نقدية تقدمُ اضاءاتٍ حولَ قيمة الاختلافِ من اجل إحداثِ ثغرةٍ في جدارِ الممانعة والجمود.
    السؤالُ الأكثرُ أهمية، هل يمكن أن نؤسس لفكرٍ نقدي منتجٍ طالما كانت مساحةُ الحرية ضيقةً وخانقةً ؟ إن من يقرأ في عناوينِ الحوار اليوم ويجد ذلك القلقَ الكبيرَ من القدرةِ على التعبيرِ عن الذات أو الأفكار أو الآراء، إنما يدرك أن ذلك السقفَ شديدُ الوطأةِ على رؤوسِ المتحاورين، والباهظَ الكلفةِ على قيمةِ الحوار والنقد، ربما دفع به لزوايا لا معنى لها، فلا هي عززتْ قيمةً للحوار، ولا هي دعمتْ الفكرَ النقدي برؤية، ولا هي خرجتْ بتوافقِ ولو نسبي بعد اختلافِ طويل .
    إلا انه لا يجبُ استغلالَ مساحةِ الحريةِ على نحو يفقدها قيمتها، فمن حقِ كل فردٍ أو جماعةٍ أو تيارٍ أن يمارسَ حريته في عرضِ أفكار الآخر ونقده ... إلا أن النقدَ يفقدُ وظيفتَه حين يتحولُ من نقدِ الآخر إلى نقضهِ، أي إلى إلغائه !! وأهم ما يميزُ النقد عن النقضِ، هو أن الأخيرَ يلغي الأولَ، أما النقد فإنه لا يُلغي شيئاً، بل يفتحُ أفقاً حراً للتفكير، ويساعدُ على تغييرِ شروطِ العلاقةِ مع الآخر.
    وكما أن النقدَ لا يتمُ في فراغ، بل يشتغلُ على أفكارٍ ومشاريع وأدواتٍ تتصلُ بالواقعِ وتسعى إلى تغييره في آن. وهو أمرٌ لا يمكن حدوثه بدونِ التحررِ من ديكتاتوريةِ الشعارات، التي تتمركزُ حول الذاتِ، وتتمترسُ وراءَ الأفكارِ الجاهزة. النقدُ للنقد ربما كان قيمةٌ لاكتشاف الخلل، والحوارُ من اجل الحوار ربما كان قيمةٌ لتأسيسِ ثقافةِ الحوار. إنما الحقيقةُ أن كلَ المحاولاتِ النقديةِ الجادةِ لا تتحركُ في فراغ، بل تعملُ على مشاريع وأدواتٍ تتصلُ بالواقع وتسعى للتأثيرِ فيه.
    المراقبُ للمشهدِ الثقافي خلال السنوات الأخيرة يدركُ أن ثقافةَ الحوار والنقد تطورت كثيراً عما كانت عليه. فمجالُ الاتصالِ المفتوح عبر الفضائيات، وانتشارُ شبكة "الانترنت" بمدوناتها ومواقعها ومنتدياتها، وارتفاعُ سقف الحوار عبر وسائل الإعلام المحلية، حمل معه حيزاً معتبراً في التأسيس لثقافةٍ جديدة. فالنقدُ والحوارُ أصبحَ عنواناً بارزاً في المشهدِ الإعلامي.
    وعلى الرغم من توجيهِ بعض تلك البرامجِ الحوارية باتجاهاتٍ ربما يدركُها المتلقي، وربما تغيبُ عن وعيه أحيانا، إلا أنها ساهمت في تعميقِ الوعي الشعبي بقيمة الحوار وأهميته، وعلى ما في شبكة "الانترنت" من توظيفٍ رديء أحيانا إلا أنها أصبحت مجالاً خصباً لتداولِ المعلومة والنقاش حولها، والسجالِ حول الأفكارِ والرؤى حتى لو بدتْ تفتقرُ أحيانا للنضج، إلا أنها ساهمتْ في تعميمٍ ثقافة بدأت تتجاوز عقدةَ الرفض، وأصبحت حقلاً للدربةِ والمرانِ على تناول الأفكار والآخر..
    المراقبُ لحالةِ سيشهدُ ضعفَ لغةِ الإلغاء لصالحِ لغةِ الحوار، وتراجع التعويلِ على الأفكار الجاهزة إلى مستوى مناقشتها وبحثها وتفكيك علاقاتها. ولا يُنتظر أن يحدث التطورُ المنشود خلال فترة قصيرة من عمر الزمن. إنما الشاهدُ أن هناك مساحاتٍ بدأت تتحرك فيها الآراء وتتفاعلُ وتختلفُ وقد تصطدم وإن كانت حركة بطيئة يرتفع سقفها أحيانا ويتطامن احيانا أخرى، إلا أنها في النهاية ستؤثر في ثقافة اجتماعية تعزز قيمة الحوارِ وشروطه.
    هذا التطور الايجابي لا يعني بطبيعة الحال خلو الحوارات والسجالات الثقافية لدينا من سمات سلبية يمكن اكتشافها، من بينها أن حوار النخبِ كثيرا ما يتخذ طابعاً سجالياً جدلياً هو اقربُ إلى صناعة الكلامِ منه إلى صناعةِ الأفكار، واجترارِ المقولات لا إبداع المنظومات. ولذا ليس من المنتظرِ أن يتشكلَ وعيٌ عامٌ قادرٌ على بناءِ كتلةٍ اجتماعيةٍ حيويةٍ تتحددُ خياراتها من خلال نتائجِ الحوارِ أو السجالِ بين تلك النخب. وربما تشكل وعيٌ عامٌ ممزقٌ وغير قادرٍ على تحديد رؤيته لأبسطِ مقومات الاختيار، ناهيك عن مواجهةِ أسئلةِ المستقبل. ولذا تظلُ سمةُ الرأيِ العامِ السائدةِ الصمتَ والغياب، وأحيانا يصابُ بعدوى الجماهيرية ذاتَ النفسِ القصير، والانحياز للمفاهيم السهلةِ تحت ضغط التشويش على مقدرته للخروجِ من إطارِ الترديد إلى إطار الاستشكالِ، ومن حالةِ التوقفِ إلى حالة سؤال: أي مستقبلٍ يريد؟ ولا يُنتظرُ وحالة كهذه أن تتشكلَ مقوماتٌ يمكن أن تحركَ الرأيَ العامَ ولو بإجماعٍ لو نسبي حول قضاياه الأساسية.
    وكما تبدو احياناً سمةُ السجالِ دليلُ عافيةٍ وحيويةٍ ذهنية، إلا أن كثيرا ما كانت أسيرةَ التفاعلِ ضمن منظومةِ تصفيةِ أفكار الآخر، لا طرحَ الأسئلةِ الكبرى ومحاولةِ الإجابة عنها. وهي تعاني من إعاقاتِ الخروج بمنظومة لها صفةُ المشروع لا حالةُ انبهارِ بالردود فقط. وقد تكون النتيجةُ العودةُ لنقطةِ البداية، أي النتيجة الصفرية دائما. وبطريقة لا شعورية يتحول أحيانا بعض السجالُ حول الأفكارِ إلى صراعٍ حول المراكزِ والعلاقاتِ والنفوذ والحضورِ بوعي أو بدونه.. وتطلُ المسألةُ الفكريةُ على واجهةِ السجال..
    تأخذُ كثيرٌ من سجالاتِ الداخلِ بين بعض النخبِ عناوينها من أحداثِ الخارج، تفاعلاً قبولاً ورفضاً. وغالبا يكون تأثيرها أكبرُ عندما تصبحُ تداعياتها تسوقُ الأسئلة الأكثرَ أهمية، والتي نقفُ منها موقفَ المتأثر. لكنها تشتعلُ كحالةٍ وقتيةٍ في فترةٍ زمنية ثم تخبو .. وربما اشتعلتْ حرائقٌ سجاليةٌ على اثرها ثم لم يعد هناك سوى الرماد .. حتى تستعادَ ملامحُ السجالِ مرة أخرى بأثرِ أو تأثيرِ آخر.. وتبقى المشكلةُ الكبرى في سجالاتِ النخب أنها تشتعلُ في أحداقِ المثقفِ أو المتابعِ أو المهتم والمأفي فتراتٍ قصيرة عبر واجهةِ (المع والضد). السؤالُ أي منها قاد يوما لبرنامجٍ أو رؤيةٍ أو توافقٍ في حدود دنيا، يمكن أن تشكلُ انجازاً في طريقٍ طويلٍ عنوانه البحثُ في أسئلة المستقبل، ومحاولةُ الإجابةِ عنها والتوقفُ عند ضرورتها وحتميتها واستحقاقاتها.
    النقدُ والحوارُ قيمةٌ طالما تمثلت فيه شروطُ النقد أو الحوار. ولكنه أيضا يتحولُ إلى أداةِ بناءٍ وإصلاحٍ وتأثيرٍ ايجابي على المستوى العام عندما تتوفر له عدةُ عناصر: من أهمها أن تكونَ أسئلةُ المستقبل وقضايا المجتمع الحقيقية هي مشروعُ البحث. وهي مادةُ الحوار وهي ميدانُ النقد. دون تحديدِ أهداف العملية الحوارية أو النقدية، ستظلُ ترفا فكريا ربما تعطي للمتحاورين ومضةَ الشعورِ بالبقاء ِلا أكثر. الأمر الآخر أن يكونَ الهدفُ من الحوار - حتى ولو لم يتحققْ على المدى القصير - الوصول إلى مناطقِ اتفاق، ومشروع له ملامح، يمكن أن يتحركَ من أرضيةِ الحوارِ إلى أرضيةِ المؤسساتِ الفاعلة، ويجبُ عدم إغفالِ الرأي العام من مسألة حوار. فالفئةُ الاجتماعيةُ الواسعةُ في المجتمعِ هي المستهدفةُ من مشروعاتِ التأثير أو التغيير، وهي المعنيةُ أولاً وأخيراً بقضايا حوارٍ تستلهمُ الحلولَ من الداخل. أما الحوارُ من أجل الحوارِ إلى ما لانهاية، حتى لو لامس قضايا وطنيةً حقيقيةً، سيظلُ نوعا من الثرثرةِ الفكرية، وربما اضعفَ قيمةَ حوار طالما لم يتحولْ إلى أداةِ تأثيرٍٍ وتراكمٍ ايجابي في طريق الإنجاز

  7. #7

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    قلم ناضج متسم بالعفوية والتفكير الصائب لإخينا الاستاذ ابن الشرق
    ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين اورثتها الحضور بنودك الخمس الأنفة الذكر , وقد تتعاضد جميعها في شخص فيكون قد بلغ سنام التيه , وقد يغترف من وحل واحد فيبدو ملطخ المنظر والمخبر في مساحة العقل.
    كلامك عقلاني ولكن ربما يكون هذا الشخص لم يبلغ سنام التيه ولكنة يرغب في ان يكون له زخرفة ملونة يشار لها بالبنان تستمر كجرعة ماء وتذهب فور ابتلاعها وقد يدرك ان مايعملة غير مصيب ولكن بعد فوات الزمن . وهناك اشخاصا يدركون كل الإدراك بما يعملونة انه في موضوع الخطا ويعرفون إنهم يغمسون انفسهم بالوحل .



    الإقرار بهذه المعضلة و وجودها تثبته التجارب والوقائع , غير أن المركز في الحديث هو العلاج والإستطباب و الوقاية .

    نعم استاذي الواقع والتجارب واضحة للعيان ولم تكن في مجتمعنا اي غموض نحوها ولكن بعضنا يلف نفسه في ضبابية لا يريد حلا او علاجا أو حتى وقاية من داء مستفحل فهو يرى نفسة كام قال الشاعر :
    ويجهلُ أنّي مالكَ الأرضِ مُعسرٌ ...... وأنّي على ظهرِ السماكينِ راجلُ
    وما زلتُ طوداً لا تزولُ مناكبي ...... إلى أن بدتْ للضيمِ فيَّ زلازلُ

    ومع تعاقب الزمن خبىء قلم التميز , حيث اتجهت الساحة الى سجالات وحوارات اغلبها كان يزعزع أكثر منه الى التقريب والحل . والداء المرير كان في استبطان الإتهام وتقديمه مسبقاً في الولهة الأولى لسير الحديث مع ضعف المعلومة الحقيقية . وكسى كل ذالك غلظة وظلمة الأسلوب الحاد الغير موفق في التعرض احياناً للأشخاص واحياناً بالهجوم الغير مبرر وكما يطلق عليه احد الأخوة الكرام مصطلح ( نشر الغسيل ), في إخفاقة واضحة من معرفة الطريق السليم للنقد وللحل .
    استاذي ابن الشرق كلام جميل وقد اوردت اقتباسا للأستاذ القفاري يدور حول ذلك

    أننا نجزم أن مجتمعنا ليس مجتمع ملائكي لا يخطأ ولا يحيد قليلاً , وكذا أنفسنا ليست سلمانية او ابو ذرائية أو اشترية , إنما نتبع طريق التكامل والتسامح والإصلاح , فحرياً بنا أن نقيم حضورنا في هذه الروافد وننظر هل مانقوله ونثريه ثراء نافع , وهل نمتلك ادوات ومعايير صحيحه في الإستخلاص والتوضيح والتوجيه والنقد , ام مازلنا تحت وطئت الحفاوة بالكتابة لأجل القول بأنا هاهنا .

    أذيلُ بالقول أن ازدواجية المعايير نتاج واضح عن قصور الإدراك والوعي بكيفية القراءة والإستخلاص والحكم والتقييم الذي يهدف الى تقويم سليم .
    اتفق معك كثيرا فيما اوردته في تعقيبك ولكن ماهو الحل هل نركن حول ما يدور حتى - تخرب مالطا - او كما قال الشاعر عروة بن الورد

    ذَريني للغنى أسعى فإني =رأيتُ الناسَ شرهمُ الفقيرُ
    وأهونهم وأحقرهم لديهم =وأن أمسى لـه حسبٌ وخيرُ
    ويُقْصَى في الندِّي وتزدريهِ =حليلتهُ وينهُرهُ الصغيرُ
    ويلْفَى ذو الغنى وله جلالٌ =يكادُ فؤادُ صاحبهِ يطيرُ
    قليلٌ ذنبُه والذنبُ جَمٌ =ولكنْ للغنى ربٌ غفورُ

  8. #8

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لا اعلم لماذا تحتد عبارات البعض حينما تشير الى اصل الموضوع وتحفظ للكاتب حقوقه بأن تشير الى صاحبه اليس هذا ازدواجا في المعاير ان نتمنى ان يحفظ لنا الغير حقوقنا ولا نحفظ للاخرين حقوقهم
    وكم استغرب جدا من قلمك عزيزي ابن العربي حينما وجدت الانفعال في عبارتك هذه

    قبل تعقيبي احب ان اهمس في اذن استاذنا العزيز كشكول لا ضير من اقتباس من اي موضوع يناقش ويصب في مصلحة الجميع وعلينا ان نتعاطى الواقع لإيجاد حل لأن نلف وندور لندفن رؤوسنا في التراب علينا ان نحاسب انفسنا قبل ان يحاسبنا الغير وعلينا ان لانتلون ونميل حيث اتجه الريح وشكرا لمرورك .
    ليس عيبا ان ننقل او نقتبس ابدا ولكن الجميل والاجمل ان نحفظ للاخرين حقوقهم كما فعلت في نقل مقال ( عبدالله القفاري) حتى لا نقع في اطار الازدواجية وادارة المنتدى تكفل لي حق التبين للقراء اذا كان الموضوع منقولا او مقتبسا حسب مقدرتي اتمنى لكم حوارا مفيدا مثمرا باذن الله
    التعديل الأخير تم بواسطة كشكول ; 02-020210 الساعة 02:58 PM

  9. #9

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    مرورك طيب وتعقيبك جميل وليس كما قلت ازوادجية المعايير ولك حق فيما قلته في ذكر حقوق الاخرين ولكن النقاط الواردة لعدد من الباحثين وليس لشخص بعينة وان كنت تعتقد بذلك ازدواجية بالمعاير فلك رأيك نحترمة ونقدرة وليس كلماتي بها شدة ولكن استغرب من شخصية قلمها رائع مثلك يتلقط صغائر الاشياء تمنيت أن يكون تعقيبك منصب بالموضوع نفسة بعيدا عن الرتوش فنتكلم بعيدا عن النقد الذاتي الشخصي كل منا يحمل نفسا كالكيل بمكيالين وازودواجية المعاير تسيرنا العاطفة احيانا وقلة الوعي أحيانا فنجد النجار يشرح لنا وكانه استاذا في اللحام او الطب والمهندس يصدر الفتاوي الشرعية كرجل دين متعمق وهذا يكتب هنا ويذهب ليكتب على اكياس الاسمنت او الاوراق المرمية نحن نناقش موضوعا لابد ان يتسم بشفافية بعيدا عن الامثال والتشخيص لآن التشخيص والامثال تجدي بوقت محدد وتزول اما النقاش العقلاني يرسخ بالاذهان وصاحبة يرجع للحق فيبني شخصية بعيدة الازدواجية ومرة اخرى لك تحياتي .

  10. #10

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تحية طيبة لكم جميعا
    ربما ترى اخي الكريم ابن العربي ان حفظ حقوق الاخرين من صغائر الامور وهذا شأنك ولكك
    كامل الاحترام و التقدير
    اما بخصوص توقعك ان يكون تعقيبي منصبا في صلب الموضوع فهذا يدعوني الى الاستغراب فقد اوردت مقال الكاتبة غادة عبدالله الذي اقتبست منه مقالك ولا اضن مقالها رتوشا او بعيدا عن الموضوع بل يصب في اصل الموضوع الا تتفق معي في ذلك


    تحية طيبة واتمنى لكم حوارا مفيدا وقيما

  11. #11

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    من خلال مفهومي للأزدواجية هي تواجد متناقضات في مكان معين وبنفس الوقت وكان تحب شيئا وتكرهه في نفس الوقت . وهناك مشكلات اخلاقية متداخلة ومتقاطعة وهذه المشاكل تكون مستعصية للتشخيص والتحليل اما علماء الاجتماع . فالاختلاف في وجهات النظر الى القيم الاخلاقية لاينعكس على اختلاف النفسيات و التفكير ونحن اذا نظرنا الى الزمان الماضي نجد فية اخلاقيات واصبحت في زماننا غير اخلاقية وما كان فضيلة محسوسة ومحسوبة على المجتمع اصبحت الان عكسية ذلك تصل الى الرذيلة . فنحن نعيش بعالم يموج بشتى القيم والاعراف والتقاليد . وما راه شخصا صوابا يراه الاخر هراء وان ثورة الاتصالات ووسائل المعرفة الحديثة في تقريب المسافات بإختلاف الملل والنحل فكان الامتزاج بين العادات والتقاليد والتعارف والتجانس . والازدواجية في العمل بأي مؤسسة كانت اعلامية كالمنتديات اوالجمعيات او الاندية او في المؤسسات الدينية من القضايا التي ساهمت كثيرا في تاخر عجلة العمل ولخبطة الاوراق بين الاخذ والرد ولو نظرنا بعين ثاقبة وفاحصة سوف نجد العديد من الاخوة يشغلون العديد من العضويات في عدد من المؤسسات وهذا العمل الازدوجي يؤثر تاثيرا كبيرا في اداء وانجاز المهمات . فالامل يراودنا جميعا ان نركز على التخصص النابع من القدرة والكفاءة والخبرة وسنجد ان العديد من الاخوة لايملكون الخبرة والقدرة يشغلون مراكز حساسة في عدد من المؤسسات وهذه ازدواجية ينبغي علينا حلها بالطرق السليمة .
    وهذا موقف مقتبس لقصة ( للاستاذ عبدالله الناصر )

    يقال إن الدجاجة ذهبت في جمع من الدجاج إلى الديك وقالت: يا سيدنا ومولانا وحامي حمانا لنا عندك شكوى ونريد أن تسمعها فلعل في رأيك صلاحاً لنا جميعاً.

    فرفع الديك رأسه وشد عرفه وحملق بعينيه في الدجاجة وقال: شكوى ضد من..؟ قالت: ضد الإنسان..!! فأرخى عرفه وضم ريشه وقال: كيف..؟ قالت: إننا كما تعلم نبيض، ونرجن على البيض، ونفرخ فراخاً رائعة فيأتي الإنسان على ذلك كله فيأكل بيضنا، ويأكل فراخنا، ويحرمنا من ذريتنا عياناً بياناً وهذا ظلم وفساد في الأرض، ولا يقبله عدل ولا تقبله مساواة.. فقال الديك: هذا صحيح. فصفقت كل الدجاجات بأجنحتها تقديراً واحتراماً لرد الديك العاقل الفطن. ثم أعقب الديك: وما هو الحل في رأيك أيها الدجاجة الثائرة الحكيمة..؟ قالت: الأمر بسيط، وهو أن نضرب عن الانتاج فلا بيض، ولا فراخ، ونظل نسرح ونمرح في الحقل، نأكل ونشرب بلا تعب ولا نصب، وأنت تؤذن وتصفق بجناحيك بلا حسرة على ذريتك التي يلتهمها الإنسان.
    فكر الديك قليلاً ثم قال: أيتها الدجاجة.. يبدو أنك تريدين بنا جميعاً شراً. قالت: لا والله يا سيد الدجاج وسيد ربات الأعراف الصغيرة ما أردت إلا الإصلاح لك ولي ولجميع إخواني وأخواتي من الديوك والدجاج.
    قال: إذاً أنت مغفلة ولست حكيمة، فهل تظنين ان الإنسان حين نوقف الإنتاج سيتركنا..؟ سوف يعتبرنا دجاجات خائبة، وأن الحل الوحيد ذبحنا ووضعنا على مائدته.
    قالت الدجاجة: نعم لقد فكرت فيما أشرت إليه يا سيدي، ولكني لا أظن أن الإنسان سوف يقتلنا.. لأنه لو قضى علينا فإنه سوف يقضي على جنس الدجاج.. وأنت تعلم يا مولانا بأننا هنا في عزلة ولا شيء من الدجاج حول الإنسان. فأطرق الديك وقال: هذا صحيح.. ولكنني في الحقيقة وأنتن كذلك سنفقد كثيراً من المتعة. فنكست الدجاجات رؤوسهن حياءً وخجلاً وقلن للديك: لا بأس فلابد أن نصبر ونحتسب إلى أن يأتي الفرج.
    قال الديك: الفرج..؟ قالت الدجاجة: نعم. قال: كيف..؟ قالت: يا مولاي وسيدي، لقد أعددنا لهذا الأمر عدته، وخططنا له، وسنعمل على تنفيذه، إننا قبل أن نأتي إليك قد كنا فكرنا في أمرنا مع الإنسان الذي يسطو على مهجنا فيضعها على موائده مطبوخة أو مشوية، وقد والله أدمى قلوبنا منظر أولادنا محشورات في الأسياخ يُقلبن على النار فتقطعت قلوبنا أسى وحسرة. فأطرق الديك وقد أغرورقت عيناه بالدموع وقال: صدقت والله ما أقسى الإنسان وأغلظه وأبشعه.
    ثم استمرت الدجاجة:
    لقد فكرنا طويلاً وبحثنا عن الحلول والمخارج لإنقاذ أنفسنا وأبنائنا من هذا المصير الأسود.. فلم نر أمامنا إلا الطيران. رفع الديك عنقه وغرغر في غضب واستهجان وقال: طيران يا غبية.. كيف لنا أن نطير ونحن لم نرث عن أجدادنا إلا هذه الأجنحة القصيرة..؟
    تبسمت الدجاجة وقالت: نعم يا سيدي.. أعرف هذا ولكنني أدركت أن مرد هذا كله يعود إلى الكسل.. الكسل يا سيدي هو الذي أدى بنا إلى هذه الحالة فجعلنا أمة مستضعفة ليست محسوبة في مَن يسير، ولا في مَن يطير.. ولذا فإن علينا أن نحسم أمرنا، إما السير فنركض كالنعام والغزلان والأرانب أو نطير كالطيور. قال: كيف..؟ قالت: بالنشاط.. النشاط والتدريب على الطيران.. فبدلاً من أن نقضي أوقاتنا في القوقأة والرجن على البيض نقضيه في التدريب وتحريك أجنحتنا ومحاولة الطيران من جدار إلى جدار ومن غصن إلى غصن، وسيكون لنا في ابن عمنا الحجل أسوة حسنة فهو أقصر أجنحة من أجنحتنا ولكنه سكن الجبال وتعلم الطيران فطار.
    بهت الديك وأعجب بفكرها، وبمنطقها وبقدرتها على البيان والإفصاح، وصفق بجناحيه لها.. وقرر أن يقود جميع الدجاجات إلى ميدان التدريب ومحاولة الطيران..
    وفي الصباح تعالى الضجيج والصياح بين الدجاج وتناثر الريش وتكاثر الغبار من شدة التدريب، ويوماً بعد يوم تزداد همة الدجاج.. فتمكن بعد فترة من الطيران من داخل الحظيرة إلى خارج السور.. ثم أصبح يطير من غصن إلى غصن، بل صار يطير من حظيرة إلى أخرى.
    وذات يوم وقف الناس مذهولين فقد شاهدوا في السماء أسراب الدجاج الطائر..


  12. #12

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    حوار جميل جدا
    ولكن هاهو أمامي شاهد واضح للكيل بمكيالين حينما لاينقل المراقب هذا الموضوع لمنتدى الحوار العام
    - وينقل آخر-
    الا اذا كان لأن الكاتب هو ابن العربي ..يداهن!
    فعلا إنها ازدواجية المعايير..نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  13. #13

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير


    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الأخ العزيز ابن العربي

    مساؤك خير .. و عظم الله أجرنا و أجركم في أربعين سيد الشهداء صلوات الله و سلامه عليه و على آبائه و أبناءه و الموالين لهم .. و البراءة الدائمة من أعدائهم من لدن آدم و حتى قيام يوم الدين..

    لقد تشرفت و قرأت الموضوع الأساسي كاملا كما هي قراءتي لجميع الردود و الحوارات التي تم طرحها في هذا الموضوع المبارك و الذي ليس بالغريب على أي أحد أنه ناتج من مفكر نكن له فائق التقدير و الاحترام و نتمنى أن يكون هناك من يمتلك مثل هذا القلم لدينا هنا في المنتدى كي يزداد فخرنا و نكيل بمكيال الاحترام و التقدير إضافة لمكيال الإعجاب و التكريم لكل من هو في مقامه الشامخ بكلمته الراقية و أسلوبه القريب للأذهان و المناسب للعقول و الألباب دون الحاجة لإدراج ما يراه البعض فلسفة غير مفهومة في حين كونها لدى بعض الكتاب فخرا في التلاعب بالمفردات ..

    قبل تعقيبي على فكرة الموضوع الأساسي أحب أن أتحدث عن مسألة الاقتباس من مقالات الآخرين ..

    هذا الأمر لا يعيب و لا ينقص من شأن أي موضوع في حين تقدم كاتبه بصياغة أحرفه الشخصية حتى و إن طابقت فكرته فكرة مثال آخر و ليس على الكاتب أن يذيل ما خطه قلمه باسم شخص آخر و إن كان ما كتبه مطابقا لفكرة الآخر الذي نتحدث عنه .. بل ليس من حق أي أحد أن يطالبه بما يسمى إعادة الحقوق الأدبية لأصحابها لأن هذا الطلب مع احترامي يخرج عن إطار و مفاهيم صياغة المقال .. فنحن نرى مؤلفي الكتب و ليس كتاب المقالات فقط يكتبون مؤلفاتهم دون الحاجة للرجوع لأي كاتب بعينه لكن نراهم يذكرون بعض المصادر و ليس جميعها كي يشيروا إلى فكرة تكون مفصلة في كتاب ما و قد أوردوها بإيجاز أو العكس في حين أنهم فصلوا في نقطة ما تم ذكرها في مصدر من المصادر..

    تذييل المقال لصاحبه يكون حينما يتم نسخ المقال كاملا أو تم اقتطاع جزء منه للاستشهاد و هو ما يسمى باللغة الإنجليزية qauting و الذي يتم تحديده بين أقواس صغيرة كهذه " .... " . بشرط أن لا تكون هذه الاقتباسات قد استهلكت من المقال الأساسي أكثر من 30 % أو أن لا تكون عدد الاقتباسات زائدة عن خمسة اقتباسات مؤطرة ..

    و ما تقدم به الأخ العربي لا يعتبر اقتباسا لأي مقال يذكر حتى و إن وجد فعلا ما يتحدث عن ذات القضية لدى كاتب أو مجموعة كتاب آخرين .. فنحن نرى مثلا أن القناة الإخبارية الفلانية تتحدث عن قضية و تنقل أقوال بعض المسئولين في حين أن قناة إخبارية أخرى تنقل ذات الخبر و ذات التصريحات دون أن تتهم القناة الآخرى بأنها اقتبست أو نقلت ذات الخبر الذي تقدمت القناة الأولى بصياغة فكرته .. << أتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت ..

    الآن أعود للموضوع الأساسي الذي يتحدث عن قضية الكيل بمكيالين و ازدواجية المعايير ..

    للأسف فهذه القضية لا تعتبر فقط قضية حوارية يتم نقاشها في أربع أو خمس أو حتى عشر صفحات و بعدها يتحرك موضوعها نزولا للصفحات الثانية و الثالثة و هكذا ..

    هذه تعتبر قضية رأي عام نعاني منها جميعنا في مجتمعنا المصغر ( الأسرة ) و مجتمعنا المحيط ( كالقرية مثلا ) و كذلك مجتمعنا الكبير و مجتمعات أخرى تضم دولا و بشرا يتشاركون الكوكب في الماء و الهواء و الطقس و غير ذلك مما هو في الطبيعة ..

    قرأت للأخ العنكبوت مسألة الفكر الليبرالي .. و هذا الفكر من المنظمات الخيالية التي حكمت جزءا كبيرا من العالم حيث غزت فكر الكثيرين مع كونها ليست دينا يعتنق أو مذهبا يتبع أو رسالة لمرجع يتم العمل بما فيها من مسائل عملية ..

    و هذه الفكرة أقرب ما تكون حاوية لمسألة ازدواجية المعايير حيث أنها تجعل الحق لمن أحب شيئا سواء لنفسه أو لما هو مقرب منه لينال القسط الأكبر من الفائدة في حين يذهب للجحيم كل من يعارض الفكرة المطروحة أو لا يتفق و تيار الفكرة المنهمر بسرعة لا ينوي بعدها أو توقف و لو كان للراحة ..

    هذا الأمر يعتبر مشكلة كبيرة و قضية مهمة ربما لا نستطيع نقاشها في مقال واحد أو كتاب أو رأي يطرحه أحدنا و يعلق عليه الآخر سواء بالرأي الشخصي أو بالآراء المحيطة .. فبعضنا يترك الموضوع الأساسي ليتحور حول موضوعات أخرى قد لا تمت بالموضوع بأي صلة و هذا أمر حيوي و حاصل جدا في مجتمعنا و قد رأينا هذا في أكثر من موضع من المواضع التي حصلت مؤخرا و قد أضحكنا بعضها كونه شر بلية لا يجعل أمام الناظر إليه سوى الضحك قهرا و البكاء بابتسامة المتحسر على حال أصحابه الذين يرى بعضهم أنهم سادة الكلمة و رؤوس الفكر في حين أنهم ذاتهم تتغير مواقفهم سريعا حالما تكون هناك حجة صغيرة تدحض ما يأفكون من كلمات ليست سوى عبارات هدامة تلذذوا بكونهم أسيادها و تعنتا استبدوا فيه حتى كادوا كمن ينطبق عليه قول الإمام علي عليه السلام : ( من استبد برأيه هلك ) ..

    أخي العزيز ابن العربي ..

    للأسف أكتب إليك هذه الكلمات .. لكن أتمنى أن لا تعتبرها عبارات محبطة لك .. فلن تستطيع أن تغير ما في النفوس و إن جهدت .. لكن أتمنى أن تستلهم بعض العقول منك ما تكتب و تفقه ما تخط من كلمات حتى و إن لم يطبقوا أو يوافقوا ما تفكر به و له و منه .. لكن أقول في نهاية هذا التعقيب .. اكتب و لا تتوقف .. فما الإفهام سوى بالكلام .. و ربما يكون الترديد في بعض الأمور مفيدا لمن يريد أن يفقه .. لكن ليس ذنبا يلتصق بك إن لم يفهم الغير ما تقول حينما تقوله بأسهل و أقرب و أبسط تعبير ..

    تقبل خالص تقديري و احترامي ..

    أخوك

    بووحيد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    إن لم تعجبك مواضيعي فتجاهلها ....سهل عليك آن تنتقدني...
    لكن من الصعب آن تغير وجهة نظري ومعتقداتي...
    هو آنــــــا
    بووحيد

  14. #14

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد واله الطاهرين تحية طيبة لكم جميعا

    لقد لفت انتباهي العديد من النقاط الذي تناولها هذا الحوار المبارك واح هنا ما سطره قلم الاداري القدير ابو حيد واضع هنا اقتباسا من تعقيبه الجميل :
    لقد تشرفت و قرأت الموضوع الأساسي كاملا كما هي قراءتي لجميع الردود و الحوارات التي تم طرحها في هذا الموضوع المبارك


    وهذا يدل على اهتمامه وحرصه على ان يضل هذا المنتدى لامعا براقا في سماء الشبكة العكبوتية

    وأعجبتني كثيرا هذه النقطة الفنية لعملية الاقتباس او النقل :
    تذييل المقال لصاحبه يكون حينما يتم نسخ المقال كاملا أو تم اقتطاع جزء منه للاستشهاد و هو ما يسمى باللغة الإنجليزية qauting و الذي يتم تحديده بين أقواس صغيرة كهذه " .... "


    وانقل لكم اقتباسات عزيزنا ابن العربي الحرفية وليس اقتباس الفكرة من مقال الكاتبة

    هنا اقتبس من مقال ابن العربي :
    ففي انعدام المعيار القيمي هذا تبدأ تفتك بالعقلية والذائقة الإنسانية هوام ولجت دون حياء ، وعاثت دون رقيب . ومن أشد الأدواء فتكا ما يعرف ( بالازدواجية في المعايير ) أو ما يسمى ( الكيل بمكيالين ) ... والتي تُشَكِّل معوِّقا حقيقيا ، وسدا صلداً في وجه إرساء قواعد الحق والعدل على مستوى الفرد والمجتمع وحتى الأمم . بأكملها


    اقتباس من مقال الكاتبة غادة عبدالله :

    في انعدام المعيار القيمي هذا تبدأ تفتك بالعقلية والذائقة الإنسانية هوام ولجت دون حياء ، وعاثت دون رقيب . ومن أشد الأدواء فتكا ما يعرف ( بالازدواجية في المعايير ) أو ما يسمى ( الكيل بمكيالين ) ... والتي تُشَكِّل معوِّقا حقيقيا ، وسدا صلداً في وجه إرساء قواعد الحق والعدل على مستوى الفرد والمجتمع وحتى الأمم بأكملها .
    والاقتباس الثاني الحرفي كتب ابن العربي :
    ومن أسباب الازدواجية الفكرية والمجتمعية :

    1- غياب المعايير والأسس المحايدة والعلمية في نقد الأشخاص والأعمال .
    2- فقدان المرجعية القيمية فتصبح القوانين من صنع فئة واحدة في المجتمع تملي على باقي الطبقات ما يضمن سلامة حقوقها المكتسبة .
    3- شيوع الرأي الواحد والبعد الواحد في حكم المجتمع مما يؤدي إلى تشريع مبدأ الإملائية وفرض نظرة أُحاديّة واحدة للحياة والإنسان والحق .
    4- انتشار الواسطة والمحسوبية مما يُؤدي إلى ضياع الحقوق وطمس روح الإبداع حين يتكافأ المفلس والعامل ، بل ويزيد الفارغ على العالم .
    5- والازدواجية داء تتوارثه الأمم في عصور التَّهْلُكة وعلى فَتْرَة من الوعي بالمنهج ، وقد عاب الله تعالى على بني إسرائيل جملة من مواقف الازدواجية وصلت في تبجُّحها إلى تسييس المنهج الرباني وفق المكاييل الجائرة :

    { أَتَأَمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتَلُونَ الْكِتَابَ } [ البقرة : 44] ، { وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آل عمران :75 ] .
    وهذا اقتباس من مقال الكاتبة غادة عبدالله

    ومن أسباب الازدواجية الفكرية والمجتمعية :



    1- غياب المعايير والأسس المحايدة والعلمية في نقد الأشخاص والأعمال .

    2- فقدان المرجعية القيمية فتصبح القوانين من صنع فئة واحدة في المجتمع تملي على باقي الطبقات ما يضمن سلامة حقوقها المكتسبة .

    3- شيوع الرأي الواحد والبعد الواحد في حكم المجتمع مما يؤدي إلى تشريع مبدأ الإملائية وفرض نظرة أُحاديّة واحدة للحياة والإنسان والحق .

    4- انتشار الواسطة والمحسوبية مما يُؤدي إلى ضياع الحقوق وطمس روح الإبداع حين يتكافأ المفلس والعامل ، بل ويزيد الفارغ على العالم .

    5- والازدواجية داء تتوارثه الأمم في عصور التَّهْلُكة وعلى فَتْرَة من الوعي بالمنهج ، وقد عاب الله تعالى على بني إسرائيل جملة من مواقف الازدواجية وصلت في تبجُّحها إلى تسييس المنهج الرباني وفق المكاييل الجائرة :



    { أَتَأَمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتَلُونَ الْكِتَابَ } [ البقرة : 44] ، { وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آل عمران :75 ] .


    وفي الختام اقول انني لا اعيب على أستاذنا الكريم القدير ابن العربي اقتباسه او نقله فان الاقتباس او النقل يحتاج الى ذائقة راقية تعرف كيف تختار وليس عيبا ان اشير الى اقتباساتي حفظا للحقوق وحتى لا نقع فيما نحاول معالجته من ازدواجية في المعايير
    وقد اوردت مقال الكاتبة غادة حتى يثري النقاش في الموضوع ولم اتوقع ان الاشارة الى المقال الاساس سوف تتسبب بهذا الارباك
    وعودا الى اصل الموضوع فان الازدواجية في العاير اصبحت السمة العاملة للكثير ممن بيدهم الفصل فمكيال للفقراء ومكيال للأغنياء ومكيال لذوي القربى واخر لمن هم غير ذلك
    اتمنى لكم حوارا سعيد ومفيدا
    التعديل الأخير تم بواسطة كشكول ; 02-040210 الساعة 10:57 PM

  15. #15

    رد: الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الاخ قلب القداسة اشكر مرورك وتعقيبك واالموضع ينصب في قضايا القرية خصوصا والمجتمه عموما فان مكانة الصحيح خنا وليس مداهنة لي .

    المشرف كشكول : سبق ان كتبت ان الموضوع والنقاط طرحت من قبل العديد من المفكرين ولا ضير في اقتباسها وشكرا لحرصك على حفظ الحقوق وياليت اننا نحفظ الحقوق جميعا واشكرك مرة آخرى وعلينا ان نتابع موضوعنا بعيدا عن ميلة 180 درجة فنحن في قرية بمساحتها الصغيرة تمتليء من الازدوجيات والكيل بميكاليين في جميع النواحي علينا ان نناقش الموضوع بروية وتمعن بدون شخصنة او امثلة لان حلها يخلق لنا مجتمها متوازيا ووعي راقي ولاشك ان هذا مطلب للجميع .

    ---
    فان الازدواجية في العاير اصبحت السمة العاملة للكثير ممن بيدهم الفصل فمكيال للفقراء ومكيال للأغنياء ومكيال لذوي القربى واخر لمن هم غير ذلك
    نعم يا استاذنا كشكول موجودة هذه بالقرية وغيرها بالتعامل ايضا موجود وليس فقط الفقراء والاغنياء وحتى توجهنا التعاملي الاجتماعي والديني والرياضي وحتى كتاباتنا. ووضعت اصبعك على طرف كبير في هذا الموضوع نتمنى ان نناقشة رسالة مدوية لعلها تصل لذوي الشان من خلال هذا المنتدى وعلينا ان لانكون جميعا زعماء ولو كنا لغرق المركب وعلينا قراءة القصة الواردة في تعقيبي السابق ( ( للاستاذ عبدالله الناصر ) حتى نحفظ بيضة البلد . انني انتظر من الجميع وضع آلية يمكننا جميعا ان نتفق عليها لتصل للجميع ونقول لا للكيل بمكيالين ) وعلينا ان نراعي ديننا الحنيف في تعاملنا وفي اسلوبنا
    لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن
    نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة 286]

    إن أهل البيت عليهم السلام مثلوا حقيقة الإسلام وابرزوا لنا مفاهيمه بكل امانة وطبقوه عل انفسهم قبل ان يامروا الغير به . فالامام الرضا عليه السلام يقول ( أنصف الناس من أنصف من نفسه من غير حاكم عليه ) و قال محمود الوراق :

    إني شكرت لظالمي ظلمي= وغفرت ذاك له على علــم‏

    و رأيته أهدى إلي يــدا= لمـا أبان بجهلـه حلـمـي

    رجعت إساءته عليـه و= إحساني فعاد مضاعف الجرم


    و غدوت ذا أجر و محمدة= و غدا بكسب الظلم و الإثم

    فكأنما الإحسـان كان له= و أنا المسي‏ء إليـه في الحكم‏

    ما زال يظلمـني و أرحمه =حتى بكيـت لـه من الظلم


    وان كنت ارى ان العدل متصفا لله سبحانة وتعالى لايمكن ان يصل الى ذروته اي بشر على البسيطة ولكننا نسعى أن نصل لقدر كبير من العدالة واخذ الأمور لمجراها الحقيقي على مستوى الاشخاص او المؤسسات ان يكون التفكير والوعي اساس لتعاملنا بعيدا سفاسف الاشياء فبالنصحية احيانا وبالارتداع احيانا وبالمفاطعة احيانا. لا ان ننجر وراء كل ناعق وقبل ان نعمل ان نستشير - عن ابي جعفر الباقر عليه السلام قال: (في التوراة اربعة أسطر: من لا يستشر يندم، والفقر الموت الاكبر، وكما تدين تدان، ومن ملك استأثر).ولا شك ان الاستشارة لذوي الفكر والعقلانية لا لكل للناس - وعلينا ان نتجنب كل مايسيء ويقبح كالكذب أو عيرة او ان بعض الكذب ممدوح فالكذب من اعظم الحرمات، ويصبح جائزا في حدود الشرع ذكرها العديد من الفقهاء في الإصلاح وحل الخلافات والنزعات فعن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام: (ثلاثة يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين الناس، وثلاثة يقبح فيهن الصدق: النميمة، وإخبارك الرجل عن أهله بما يكرهه، وتكذيبك الرجل عن الخبر..).

    ابووحيد شكرا وتقدير ولما ورد في تعقيبك ولك تحية وتقدير



    واترك للأخوة ان نناقش الموضوع بروية وتمعن لنصل للهدف المنشود ونرقى بقريتنا ومجتمعنا



صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. طفح الكيل ومليييييييييييت
    بواسطة قمة الثلج في المنتدى منتدى الحوار العام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 02-210210, 09:38 PM
  2. الكحل ....وصحة العين
    بواسطة عبدالله المعني في المنتدى المنتدى الطبي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-010309, 06:42 AM
  3. فاض الكيل بالمثقفين
    بواسطة علي الجابر في المنتدى منتدى الحوار العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-060107, 10:47 AM
  4. التاج والمهني تعادل بكل المعايير
    بواسطة تجـ بلاحدود ـاوي في المنتدى منتدى التاج الرياضي (ارشيف )
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 03-210305, 10:12 AM
  5. الكحل العربي
    بواسطة buhamad في المنتدى منتدى حواء
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-090304, 08:53 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •