بسم الله الرحمن الرحيم
في ذلك الرحل الطاهر حيث ينطلق من مدينة الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) وبمرأى ومسمع من الناس، يشرق وجه باسم يحاكي الليل بسكونه وينير وجه الصباح بنوره المشرق..
وجه بريء حمل كل وداعة الانبياء وحكمة الاوصياء، وما زال الدر الفاطمي يفيض على تلك النفوس بصلابة الموقف والاستسلام لمشيئة الله تعالى ... وهذا سيد الشهداء يحمل في رحله قمرا زاهرا تربطه قماطات المنية، (عبد الله) الرضيع ذلك الاسم الذي زلزل عرش الطاغية يزيد قبل وقوع الواقعة ...
ولكن عبد الله الرضيع لماذا؟!
لم يكن أحد يعلم بأن هذا الطفل الصغير الذي لم يتجاوز الستة أشهر سيكون له دور كبير في فضح الاكاذيب الاموية ... نعم إنه موقف الرضيع وما أعظمه من موقف ...
خرج في الهجير مع أبيه الحسين (عليه السلام) وهو يشعر بذلك الحنان الذي افاضه غريب الطف عليه ... قسمات وجهه البريء تنبيء عن كارثة .. إنه يشعر بالعطش القاتل ، ويشعر أيضا بلوعة أبيه وغربته ... ينظر إليه يتبسم في وجهه وكأنه يناغي أباه.. أبتاه لا تحزن يكفيني أني بين ذراعيك .. بين تلك الامنيات التي تراود ذلك الطفل الرضيع وبين الحسين (عليه السلام) سهم غادر قاتل وضع في مرمى قوس حرملة بن كاهل، سهم يحاول أن يبقى في قوسه ، ولكن إرادة الشيطان تتحرك لتفلت زمام القوس ويذهب في ذلك الفضاء عسى أن لا يصل إلى تلك الدرة البيضاء التي لاحت من بعيد وكأنها ماء رقراق ينساب على ذلك النحر الطاهر
عبد الله ما زال يتأمل وجه أبيه وهو يشعر بأن الفراق قد حان ، وان دوره في تغيير مسيرة التاريخ قد بدأ ، ليستقر ذلك السهم الغادر في نحر الرسالة المحمدية نحرعبد الله (عليه السلام) ....
لينتهي فصل آخر من فصول العطاء الحسيني الذي تجسد بأجلى صوره في أرض كربلاء.
</b></i>
رد مع اقتباس
