زينب تكتب التأريخ من جديد
اليوم زينب تكتب التأريخ من جديد نعم زينب تسجل لنا هذا التأريخ من جديد فتعطينا الدروس الكبيرة التي ينبغي لنا أن نعيها لأن زينب كانت في القمة أمام تلك المصائب، وتلك الشدائد - من القتل والتهجير والأسر -، حيث وقفت زينب مواقف الأبطال موقف الشجاعة والإباء والصمود والصبر، ووالله لو ألقيت المصائب التي ألقيت على قلب زينب على الجبال الشامخة لتدكدكت وانهدت، فلله أنتِ يا عقيلة الطالبيين، ولله صبركِ ورضاكِ وتسليمكِ
الرضا عنوان بارز في شخصية السيدة زينب :
وأكبر شاهد على صمود وصبر السيدة زينب أنها تحت وطأة كل الشدائد التي ما حدّث التأريخ بمثلها من الوحشية والقسوة كانت تقول: «اللهم تقبل منا هذا القربان» نحن عندما نصاب بمصيبة ما أو بألم ما في أنفسنا أو في أهلنا أو أصحابنا أو أحبائنا لا نكاد نستقر وتسكن نفوسنا، وقد - والعياذ بالله - تختلف حتى المفاهيم عند بعضنا لأن المؤمن الحقيقي لا يعرف إلا في وقت البلاء والاختبار والامتحان، ومع ما وقع على زينب من المصائب والمتاعب والنوائب - كما ذكرت - لم نجد في سيرتها بل ولا يوجد في قاموسها إلا الرضا والتسليم حيث قالت: «اللهم تقبل منا هذا القربان» أي يا رب ما أصابنا وحلّ بنا من عناء وتهجير وقتل وسبي وجوع وعطش كله في سبيلك وقربة إليك، فعلينا إذن أن نأخذ هذا الدرس العظيم من السيدة العظيمة زينب .المصائب والمحن جمالٌ في نظر السيدة زينب :
زينب - كما ذكرت - مواقفها البطولية كبيرة وكثيرة جدا، ولندقق النظر في جوابها ليزيد لعنة الله عليه حينما قال لها: كيف رأيتِ صنع الله في أخيك؟ فهو لعنه الله يخاطبها من موقع نشوة النصر الظاهري ونشوة الغلبة الظاهرية ظنا منه أنه سيطر على الوضع بالقتل والترويع والتهجير وحرق الخيام، ظن أنه سيطر وهزم الحسين ، إلا أنها أجابته إجابة نافذ البصيرة صلب الإيمان وقالت له: «ما رأيت إلا جميلا» أي أن كل شيء في سبيل الله من قتل وحرق وتهجير وهدم وإن كان ظاهره الشدة والألم والحسرة إلا أنه جميل في حقيقته لكونه يتضمن العزة والكرامة، والقتل في سبيل الله شهادة وفوز وسعادة، ونجدها أيضا في مورد آخر من خطاباتها تقول: «هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج ثكلتك أمك يا بن مرجانة» نعم، وما نراه من قتل وسبي وتهجير وترويع في بعض المناطق التي نعيشها اليوم كله في سبيل الله، وكله جميل في الحقيقة - كما تقدم - حقيقة باقية "العاقبة للمتقين"
الشيخ عبد الله بن صالح الياسين
منقول للفائدة